يندر ان تجد بين المبانى الجميلة فى العالم , الاسلامية وغير الاسلامية ما يضاهى تاج محل روعة وبهاء وتاج محل هذا اثر فريد من اثار فن العمارة الاسلامية وقد مضى على بنائه فى مدينة اكرا فى الهند اكثر من 300 عام وليس ادل على جمال هذا البناء من جموع السواح التى تتدفق على مدينة اكرا بلا انقطاع لا بدافع سوى الاستمتاع بمشاهدة تاج محل ..فما هو اذن سر جمال هذا المبنى بل قل اسرار جماله .. ! ؟
الرخام الابيض اولا : فتاج محل على ضخامته مبنى كله من الرخام الابيض ولو انت شاهدته فى وضح النهار لبدا لك شفافا وما هو بشفاف . ثم لو انت شاهدته من بعد لراعك تألقه ولمعانه . هذا ولا مفر من الشعور بقشعريرة تسرى فى جسدك بتأثير جمال تاج محل المنقطع النظير .. يروى ان سائحة امريكية لم تكد تنظر الى تاج محل حتى انطلقت تجرى وتبحت عن زوجها .. ولما سألوها لماذا .. قالت : شعرت بنشوة لم اشعر بمثلها طول حياتى .. وخشيت ان اكون قد وقعت تحت تأثير احد السحرة المختفين وراء جدران تاج محل .. فرحت ابحت عن زوجى ليحمينى …
والزخارف ثانيا : فالجدران والسقوف مزينة بالايات القرانية المكتوبة بخطوط عربية بديعة .. ولعل اكثر ما يذكر عشاق الفن من تلك الزخارف الزهور المنقوشة على الواح الرخام .. فهذه نقوش جميلة للغاية وتتعذر على النحاتين جميعا ما عدا قلة منهم وهى قلة موهوبة نادرة .
والتناسق والانسجام ثالثا : وتتجلى لك هذه المزايا لو انت نظرت الى واجهة تاج محل من نقطة معينة وضعوا فيها مقعدا يسهل الاهتداء الى تلك النقطة ليتسنى لهواة التصوير التقاط الصور المتزنة البديعة للمبنى العظيم .. والتناسق فى تاج محل انما يقوم بين جسم المبنى والقبة الرائعة التى تعلوه من جهة وبين الماذن الاربع التى تطل عليه من الجانبين من جهة ثانية وبين الحديقة الممتدة امام المبنى من جهة ثالثة على ان لجمال تاج محل سرا رابعا لعله ابعد أثرا من كل ما ذكرنا .
وما ذلك السر سوى قصة الحب التى تكللت بتشيد هذا البناء الفخم .. وخلاصة تلك القصة ان شاه جيهان امبراطور الهند ( 1628 – 1658 ) وهو من المغول من احفاد تيمورلنك كان مولعا بزوجته الاميرة ارجوماند بانوبيجام فمنذ ان تزوجها سنة 1612 وهى تشاركه الحياة بسرائها وضرائها وترافقه فى حله وترحاله وفى لقاءاته ومجالسه وحروبه .. وذهبت الاميرة بانو الى مشاركة زوجها اعباء الحكم لدى اعتلائه العرش هذا الى جانب كونها زوجة صالحة وقد انجبت له 14 ولدا وماتت الاميرة بانو وهى تلد ابنها الاخير وكان ذلك سنة 1631 .
فهل من عجب ان فكر امبراطور الهند العظيم فى تخليد ذكرى زوجته الراحلة ! ؟
تاج محل اذن هو المبنى الذى شيده شاه جيهان ليضم قبر زوجته وقد انتهى به الامر ان ضم قبرها وقبره ايضا وتجدر الاشارة الى ان اعمال بناء تاج محل استغرقت 22 عاما بالرغم من ان المهندسين والعمال الذين قاموا بتلك الاعمال تجاوز عددهم ( 20000 ) .
وتجدر الاشارة ايضا الى ان شاه جيهان كان مولعا فى تشيد المبانى والصروح التى استنزفت اموال الدولة ومما يذكر هنا انه لنفسه 11 عرشا بلغت نفقات أحدهما أكثر من مليون جنيه لا عجب اذن ان انتهى أمر شاه جيهان هذا الى الافلاس فالمرض عندئد زجه ابنه فى السجن ( 1658 ) واعتلى العرش مكانه وقد سجن فى غرفة لها نافذة تطل على تاج محل وهكذا أمضى شاه جيهان اخر 8 سنوات من حياته وهو ينظر الى المبنى العظيم الجميل الذى يضم رفاة زوجته الحبيبة .
اما تسمية البناء باسم تاج محل فقد تم بطريق الخطأ اذ كان الاسم الذى اطلق عليه اصلا( ممتازى محل ) وهو اللقب الذى عرفت به الاميرة بانو ويعنى ( خير من فى المكان ) الا ان أهل الهند لا يجيدون لفظ حرف ( ز ) فهو يخرج من افواهم وكأنه حرف ( ج ) وهكذا تحول اسم ممتاز محل الى ممتاج محل ثم سقطت مع الايام الميم الاولى والميم الثانية فاصبح الاسم الذى يعرف به البناء هو تاج محل